اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الاول.

اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الاول.

  • اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الاول.

اخرى قبل 3 سنة

اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الاول.

 

د.سالم  سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

 

    صوت مجلس بلدية باريس وبالإجماع (أحزاب اليمين والحزب الإشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر...) على تسمية إحدى ساحات باريس (في موقع استراتيجي، على ضفاف نهر "السان")، باسم "ديفيد بن غوروين"، أول رئيس وزراء لحكومة العدو الصهيوني، ودشنها رئيس البلدية "الإشتراكي" بحضور  "شمعون بيريس"، وكانت بلدية باريس قد أعطت اسم "ثيودور هرتزل"، مؤسس الحركة الصهيونية، و "إسحاق رابين"، لساحات أخرى في باريس، واعتقلت الشرطة 41 من المحتجين الذين تظاهروا ضد تسمية إحدى الساحات باسم "ديفيد بن غوريون".

ان الفقرة اعلاه قد كانت افتتاحية لكتاب الدكنور العراقي شاكر نوري حول اللوبي الصهيوني في فرنسا بعد ان عايشهم لفترة طويله من الزمن.وإذا اضفنا الى ذلك مفاعل ديمونا النووي  (الفرنسي) في النقب وبصمات التجسس الصهيوني  لخبراء فرنسا في المفاعل النووي العراقي حين قصفته (اسرائيل )عام 81 ومحاكمات روجيه غارودي والتشهير به وغير ذلك العديد من الشواهد حول النفوذ الصيوني وجذوره المتغلغلة في فرنسا .اقول ان كل ذلك يستدعي تسليط الاضواء حول نفوذ اللوبي الصهيوني وجذوره في فرنسا ومواقف رؤساء فرنسا من الكيان الصهيوني بدءا بديغول وصولا الى مايكرون .

بداية لابد أن نتساءل: لماذا تركز الصهيونية العالمية بشكل خاص على يهود فرنسا،    وليس على يهود البلدان الأوروبية الأخرى؟ والإجابة تكمن في أن أكبر جالية يهودية في العالم، بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، تعيش في فرنسا. وتقدر الإحصاءات الرسمية أن عدد اليهود ٦٠٠ ألف نسمة. وتبلغ نسبة اليهود الفرنسيين المتدينين ٢٥ - ٢٨ ألفا. ولهذا الحجم الكبير دافع من أهم دوافع المنظمة الصهونية العالمية للتركيز على يهود فرنسا، وأكثر ما تخشاه   هو الاندماج الكلي  لليهود في المجتمع الفرنسي، وقد وقفت هذه الحركة  ، على الدوام، ضد قرار تجنيس الجالية اليهودية في فرنسا

جذور اللوبي الصهيوني :

اولا: كيف يعمل اللوبي Looby ؟

اللوبي كمفهوم هو عبارة عن جماعة ضغط سياسي واقتصادي واجتماعي وإعلامي تكونت بفعل ظروف خاصة للتأثير على مواقف خاصة وتقديم الدعم المادي والمعنوي والفكري لجهة ما هي بحاجة لذلك. وتعمل جماعة اللوبي في البلد القاطنة فيه على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري وغيره، وفق خطة دقيقة ومحكمة، وعبر تخطيط شامل أسلوبًا ومنهجًا يتزامن مع مراحل تنفيذ الأهداف المرسومة.واللوبي وإن كان يطمح في تحركاته للعمل المباشر تحت الأضواء لتحقيق أهدافه المختلفة، إلا أنه يفضل في كثير من الأحيان العمل خلف الستار، فينوب عنه في التنفيذ العاملون في ركابه ليبقى هو بعيدًا عن الأضواء والحصول على المكاسب وفق الظروف المحيطة به، أي أنه يمقت الظهور على السطح إلا في حالات تفرض عليه الضرورة برفع الستار، ويعود تحاشي الأضواء للرغبة في تجنب صدام مباشر مع الغير، مما يهيئ له مناخًا مناسبًا لتوزيع أدوات العمل توزيعًا دقيقًا على أوكاره وأدواته كما أنه يعتمد في ميادين العمل على توفر المال في المكان الذي يعشش فيه لهذا فإنه (اللوبي الصهيوني) يحتضن في صفوفه كبار الأثرياء اليهود للاستحواذ على قسط كبير من الدعم المادي. (1) 

 

وفي فرنسا نشطت الحركة الصهيونية بكثافة بين الحربين العالميتين، تحْت قيادة جوزيف فيشر (الذي أصبح سفيراً لإسرائيل في بلجيكا سنة 1949) وفتح "الصندوق القومي اليهودي" فروعا له في الجزائر، وانخرطت الحركة الصهيونية الفرنسية في الوكالة اليهودية الموحَّدة سنة 1929، وكان يمثلها ليون بلوم، رئيس الحكومة لاحقا، من عام 1936 إلى 1938، ثم وزيرا سنة 1946...كما نسجت الطائفة اليهودية في فرنسا شبكات اقتصادية واجتماعية وتربوية وقانونية ودينية وثقافية وسياسية، وأصبحت عبارة عن تجمع "ديني سياسي إيديولوجي"... وتوجد حوالي مائة جمعية واتحاد وتنظيم يهودي وصهيوني في باريس وضواحيها، ومكاتب لمختلف الأحزاب السياسية الصهيونية الموجودة في فلسطين المحتلة،(2)

  يقول الدكتور شاكر نوري في كتابه –اللوبي الصهيوني في فرنسا   (3) ان  الحركة الصهيونية في فرنسا،تعتمد في أنشطتها السياسية والثقافية بالدرجة الأولى على هياكل تنظيمية معينة تتوزع الى ثلاثة أصناف وهي كالآتي : 1-المنظمات السياسية   2-المنظمات الدينية 3 - المنظمات الثقافية - الاجتماعية.

ثانيا:  من أبرز المنظمات اليهودية المكونة للوبي الصهيوني في فرنسا ما يلي:  

 أ-  منظمة كريف   C . R . I .F(Conseil Representatif des Israelites en France

) المجلس التمثيلي ليهود فرنسا (  ومن أبرز قادة هذه المنظمة: المليونير اليهودي ألن دي روتشيلد، نيوکلاين، وجان روزنتال، وليون مايس، وفيدال موديانو، وادي ستيك. إلا أن تسمية هذه المنظمة تغيرت لاحقا إلى)   المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ).     

     ب- منظمة انبعاث اليهود( Renouveau Juif

  وهي من أنشط وأوسع المنظمات الصهيونية الفرنسية المنتشرة وقد أسس هذه المنظمة الأخوان هنري وسيرج هاجنبرغ عام ١٩٧٩، وكان الهدف الأول لنشاطها هو خلق مجموعة يهودية تشبه اللوبي الصهيوني في أميركا  ، وتتميز هذه المنظمة بتطرفها وتعصبها للأفكار الصهيونية. كما تسعى لإعطاء الجالية اليهودية ثقلا سياسيا في الانتخابات الفرنسية كما ان مواقفها الصلبة   تثير إعجاب وحماسة عدد لا يستهان به من اليهود الفرنسيين .

  ج- منظمة بناي بريت )) أبناء العهد ( les fils de l ' alliance القريبة من آراء الحركة الماسونية وتدعي هذه المنظمة أن هدفها الأساسي هو الكفاح ضد العنصرية ومعاداة السامية،   ومن أبرز وجوهها: جان بيار بلوك، وسام هوفنبرغ.

د- منظمة  الحركة الصهيونية الفرنسية    mouvement sioniste de France فلا يتجاوز عدد المتعاطفين معها بضعة آلاف، بالإضافة إلى الأعضاء الذين يبلغ عددهم بضع مئات.وتجدر الإشارة إلى أن جميع الأحزاب الموجودة في الأرض المحتلة لها فروع تابعة،     تقوم بممارسة نشاطاتها سواء في فرنسا أو في البلدان الأوروبية الأخرى .   .

  ه- المنظمة العالمية للنساء الصهيونيات

W . I . Z . ٠ Organisation Internationale des femmes sionistes وتمارس نشاطات سياسية عديدة متسترة وراء مظهر الجمعية الخيرية، وتشن المنظمات الصهيونية في فرنسا حملات معينة ضد الاتحاد السوفياتي بحجة اضطهاد اليهود هناك، ومن أهم المنظمات التي تنحو هذا الاتجاه المجلس الوطني للدفاع عن حقوق بهود الاتحاد السوفياتي    و الجمعية النسائية للتضامن مع يهود الاتحاد السوفباتي وتعمل منظمة النساء الصهيونيات على بث دعايتها بين النساء اليهوديات الفرنسيات لدعم الكيان الصهيوني وترسيخه في الأذهان.

و- رابطة مكافحة العنصرية ومعاداة اليهود "ليكرا" L.I.C.R.A التي يترأسها برنار أتالي، مالك شركة إير-فرانس. ويتبع للرابطة مصرف "كريدي ليونيه". ويمارس هذا اللوبي نفوذاً على وسائل الإعلام المختلفة وخاصة دور النشر ولجان قراءة النصوص فيها، ومنها دار "غاليمار"، و"سوي"، و"غراسيه" و"ديلون".

ومن أبرز إنجازات "ليكرا": قانون "فابيوس-غايسوا" في 17/7/1995 الذي يعيق إلى حد ما حرية الرأي في فرنسا وعملية توجيه أي نقد للصهيونية، لأن ذلك النقد يعتبر تعبيراً عن لا سامية جديدة يحاول الفرنسيون التبرؤ منها، خاصة أنهم ما زالوا يحتفظون بالعقدة الناجمة عن تعاون حكومة فيشي مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن قضية "درايفوس" الشهيرة. (4)

وقد ساهم العمل الدؤوب للوبيات الصهيونية في تركيز مؤسسات ذات وزن وتمويل كبيرين في مختلف الدول الأوروبية، مؤسسات يصعُب حصرها إلا أن منها :

  جمعية الصداقة الفرنسية الإسرائيلية (Groupe d'amitié France-Israël): وهي جمعية تعمل على ربط علاقات مع برلمانيين فرنسيين بهدف التحكم في التشريع الفرنسي بما يضمن مصالح دولة الإحتلال. رئيستها الحالية دانيال هوفمان ومن آخر أنشطتها تنظيم زيارة لمُؤسّسةَ ياد فاشيم اليوم لنُواب فرنسيّين أَعضاءٌ في الجمعية ولقاء رئيسَ الدولة شمعون بيرس ونائبَ وزيرِ الخارجيّة زئيف الكين وأَعضاءَ كنيست ومُدراءَ كُبرياتِ الشَّركاتِ التكنولوجيّة المُتقدّمة . (5)

 وأسس الصهاينة كذلك شبكة من المنظمات المختصة في تشويه ومطاردة ومحاكمة المتهمين بعدم تأييد السياسة الإسرائيلية، منها اتحاد الطلبة اليهود واتحاد رجال الأعمال اليهود و"أس أو أس راسيزم" (التي أسسها الحزب الإشتراكي)  وغيرها من عشرات المنظمات، وتداخل نشاطها مع المشروع الصهيوني... وبذلك اندمجت الجمعيات اليهودية في الإيديولوجيا الصهيونية   وأصبحت سفارة ثانية للكيان الصهيوني في فرنسا، غير أنها أكثر خطورة بسبب امتداداتها في المجتمع وفي عدد من الميادين (الثقافية والحقوقية والطلابية والإعلامية...)، ونجحت في تبرير اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، "تعويضا لمعاناة اليهود في أوروبا" !  (6)

الهوامش:

1- http://www.siironline.org/alabwab/derasat(01)/217.htm

               اللوبي ... ماهو ؟ وأين هو ؟ وكيف يؤثر ؟- فؤاد الصادق

2- الطاهر المعز  -الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 23:43

 3- اللوبي الصهيوني في فرنسا- شاكر نوري-شركة المطبوعات للتوزيع والنشر2013                                  رابط التحميل   https://www.noor-book.com

4- مامون كيوان https://www.palinfo.com/news/

5-   http://www.noonpost.com/content/8017  نون بوست

6-مصدرسابق2 - الطاهر المعز-الحوار المتمدن

التعليقات على خبر: اللوبي الصهيوني في فرنسا –الجزء الاول.

حمل التطبيق الأن